أم رائعة.. تربِّى أطفالها وحدَها

عندما تفرض الظروف نفسَها، وتجدين نفسِك تحت وطأةِ انهيار عُش الزوجية فجأة، بمُفردِك مع أولادك؛ فأنتِ أمام تحدٍ خطير ومُهِّم

إنها بطولة فعلًا.. أنكِ تستطيعين إثبات أنكِ جديرة بالمسئولية، وبأنكِ أهلٌ للثقة في رعايةِ أولادِك بأفضل الطرق، لينشأ أولادك نشأةً رائعة؛ فحينما تكون الوالديّة صحيّة وصحيحة، وسعيدة ودافئة، فيها حساسية واستجابة ومرونة، بصرف النظر عن الصدَمَات والآلام والمشكلات المُتتالية، وآثار الظروف الحياتية السخيفة التي لا تزالين تَمُرِّين بها

تقول «فيروز عيد» المؤثرة الاجتماعية الإيجابية: «فى أحيانِ كثيرة لا تفهم الأم معنى أن تكون صديقة لأطفالِها، وهذا لا يعنى فقدان الاحترام، ولا عدم وضع الحدود بين الآباء وأبنائهم، ولكن بالنسبة إلىّ، فإن صداقة أحد الوالدين أو كلٍ منهما لأولاده، تعنى انعدام الخوف، فخوف الطفل من أمِّه مُرعب وسلبى، ويُمرض الطفل نفسيًا، وقد يجعله جبانًا في الصِغَر والكِبَر»

وتستطرد فيروز قائلةً: «أطفالى لا يخافون منى، لكنهم يحترموننى، هناك خطٌ رفيع بين أن تكونى حازمةً وأن تكونى مُخيفةً لأطفالك، إن وضع نظام مُحدَّد يتضمَّن الانضباط، يجعلهم يتصرفون بطريقةٍ مُحدَّدة

إن الخوف لا يمكن أن يمنعهم عن ارتكاب الأخطاء الآن ومُستقبلًا، الخوف سيمنعهم ويوقفهم عن إخبارِك بما يفعلون، إن هناك أمورا كثيرة في الأمومة لا تحملها إليكِ الغريزة، لكن الأمر يحتاجُ إلى مجهود ضخم

المسألة بسيطة حاولى أن تجدى شيئًا يربطك بابنك أو بنتك، وأن تقضوا وقتًا سويًا؛ لتلعبا وتفرحا؛ في آخر اليوم سيكون طفلك في منتهى الغِبطة والراحة، هنا سيبدأ بإخبارك بكل ما يمُرّ به، لأنه لا يخافك، ولأنكِ قد أصبحتِ صاحبته، وسيغمرُهُ الإحساس بالأمان والهدوء وبالحُب، هذه هي البيئة الصالحة، والترُبة الناجحة لإقامة علاقةٍ سوية بين الأم وابنها، مما يجعل الدنيا بسيطة ولطيفة وفى منتهى الجمال

بعدئذٍ تبدأُ أمورٌ أخرى، بالنسبة للولد وجدتُ أن الألعاب الرياضية شغفُه، ومن الممكن أيضًا أن نشاهد فيلمًا معًا، أو أن نقرأ كتابًا يفضِّله، أما بالنسبة لابنتى فأشاركها حُبها لسماع الموسيقى وللرقص، ثم نبدأ حديثًا عميقًا، ونلتقى كصديقتين على فنجان قهوة، اكتشفت أن لديها أسئلة كثيرة جدًا حول الحياة، في آخر اليوم نتوَّحَد سويًا، ونأكل معًا، ونسافر لاكتشاف أماكن جديدة وأكلات مُختلفة، أصبح لكلٍ منهما مساحة يمارس فيها سلوكه الجيد، وبالتالى فأنا أزرع فيهم أطيب الصفات، بشكل فيه صداقة واهتمام، لقد أصبحتُ أمًا وصديقة، مع وضع الحدود وتحديد الالتزامات والضوابط، وفى نفس الوقت أُعلِّمهما كيف يضعان الحدود بينها وبين الآخر»، انتهى كلام فيروز

استغلى كل لحظة مُتاحة من حياتكم اليومية، ستستمتعين بقضاءِ وقتٍ ممتع مع طفلك في أي وقت وفى أي مكان، يمكنك التحدث أثناء الطهى أو في السيارة أو لسرد قصص مُسلية وقت النوم.

فليُعلِّمك طفلِك كيف تلعبين لعبته المفضلة.. وحاولى الذهاب إلى العروض المدرسية، وأن تحضرى معه معظم الأحداث الرياضية خاصةً تلك التي يشترك فيها

تناغمى مع نفسك قدر الإمكان؛ مهما كانت قسوة الحياة عليكِ؛ فالدنيا حلوة، وجهِّى سلوك طفلك بطريقة مُتسِّقة، بنفس الالتزام والنظام والتوجُه

وأخيرًا لا بدّ أن تُراعى نفسِك وتبهجينَها، وأن يكون لكِ وقتِك الخاص Quality time، ولأنكِ أمٌ وحيدة؛ فإن الحياة تفرض صعوبتها، لا تقارنى نفسكِ بأُخريات. وتذكَّرى أنكِ تبذلين قُصَارى جهدك لمواجهة الدنيا بكل قسوتها، سيدعم ذلك التعاطف مع الذات Self-Compassion صحتِك النفسية ورفاهيتك الذهنية، وسيخفِّف من توترك وقلقك. وبالتالى ستكونين قادرةً بشكل رائع على إعطاء طفلك ما يحتاجُه من أجل أن ينمو ويتطوَّر سليمًا وغنيًا بالمشاعر الإيجابية والأخلاق الطيبة