مقال

نتنياهو وعقدة مادلين بروست”التعطش للدماء”

بواسطة
في
أكتوبر 18, 2024

لا أعتقد أن رئيس وزراء الكيان الصهيونى المحتل قد خضع للتحليل النفسى، لكن تُرى ماذا رأى فى طفولته؟ وبعيدًا عن السياسة، فإن وحشية إراقة الدماء والاستمتاع بالقتل بدمٍ بارد، تدعونا إلى النظر عميقًا، ربما إلى أبعادٍ فرويدية تحليلية نفسية، فـ«مارسيل بروست» فى كتابه «البحث عن الزمن المفقود»، اصطلح عبارة «مادلين بروست».. والمادلين نوع من الحلوى اللذيذة تغمس عادةً فى الشاى لتُسْتَحضَر ذكريات الطفولة، فلربما يغمسها «بيبى» بالدم ليستحضر تلك المشاهد.

فى المسلسل الأمريكى الأشهر فى التسعينيات THE SOPRANOS، يقصد تونى سبرانو الابن، المُحلِّلة النفسية د. ملفى، التى تربط ما بين رؤيته للحم البارد ونوبات الهلع، ففى مشهد استدعاءٍ حر يعود سبرانو إلى طفولته، حيث رأى أباه يبتر أصابع الجزار الذى لم يدفع جبايته، ويأخذ منه اللحم مجانًا، لتطهوه أمه وتقدمه ككتلةٍ يقطر منها الدم، تأكل منها العائلة، فيشب الابن رجل مافيا يقتل بدمٍ بارد، ويأكل اللحم ويشرب النبيذ الأحمر كما الدم.

إن الربط هنا بين محاوله التحليل النفسى لهذا الجبروت الغاشم فى قتل الأبرياء فى حربٍ ضروس، تعود مؤكدًا إلى الماضى حين اُغتصبت فلسطين، وإلى ذهنية اليهود البولنديين، فلقد ولد نتنياهو عام ١٩٤٩ فى تل أبيب، أمه «تسيلا سيجال» وأبوه «بن صهيون نتنياهو» المولود فى وارسو، وكان مؤرخًا متخصصًا فى العصر الذهبى للثقافة اليهودية، وكان جد نتنياهو لأبيه، ناثان ميليكوفسكى، حاخامًا وكاتبًا صهيونيًا، وعندما هاجر والد نتنياهو إلى إسرائيل، حوّل لقبه من «ميليكوفسكى» إلى «نتنياهو» أى «عطية الله».

لتجارب الطفولة المبكرة لمجرمى الحرب مع حاضرهم علاقة معقدة، فهناك ما يربط بين بعض تجارب الطفولة المبكرة والسلوك الإجرامى، ومن الأهمية بمكان تجنب التعميمات، وفهم أن الظروف والعوامل الفردية تلعب دورًا مهمًا، أما الأطفال الذين يعانون من أحداثٍ مؤلمة، مثل سوء المعاملة والإهمال أو التعرض للعنف، فهم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة النفسية، بما فى ذلك اضطرابات الشخصية، كما أنها تساهم بدورها فى السلوكيات العدوانية أو الضارة التى تلحق بالأبرياء.

كافح الأطفال الذين يفتقرون إلى ارتباطاتٍ آمنة بأولى الأمر، لتطوير الحميمية وإحياء مسألتى الضمير والأخلاق، وقد يكون ذلك مدعاةً لفهم معاناة الآخرين، كما أن التربية فى بيئةٍ عنيفة تؤدى إلى نزع حساسية البشر تجاه العنف وتطبيعه، كوسيلة لحل النزاعات، وقد يعانى الأطفال الذين يشهدون الحرب، أو يعانون منها بشكل مباشر، من اضطراب ما بعد الصدمة PTSD أو اضطراباتٍ نفسية أخرى، قد تؤدى إلى سلوكياتٍ اندفاعية أو ضارة.

ومن أهم العوامل قاطبةً التلقين الأيديولوجى، ففى بعض الحالات، قد يتعرض البعض للأيديولوجيات المتطرفة منذ الصغر، ويشكِّل هذا نظرتهم للعالم، ويجعلهم أكثر عرضة لارتكاب أعمال عنف، كما هو الحال فى نشأة الكيان المُحتَل بدءًا من عصابات الهجانة وحتى الآن.

أما العوامل البيولوجية العصبية، فلقد استخدمت دراسات تصوير الدماغ MRI لفحص أدمغة الأفراد الذين ارتكبوا جرائم حرب، وأثبتت النتائج أن المصدومين ومعاقى الحروب لديهم تشوهات هيكلية أو وظيفية فى مناطق الدماغ، المرتبطة بالحميمية واتخاذ القرار والتحكم فى الاندفاع.

TAGS
RELATED POSTS
خليل فاضل
القاهرة، مصر

كاتب ومحلل نفسي، قاص وروائي، يعالج بالسيكودراما الحديثة في مصر، له مقال أسبوعي كل يوم جمعة ينشر في صحيفة المصري اليوم، كما تشهد له قنوات اليويتيوب بعديد من اللقاءات السخية نفسية واجتماعية، كما أنه يمارس مهنة الطب النفسي منذ حوالي 41 سنة

بحث
أحدث التعليقات