السيروتونين برئ من ذنب الاكتئاب
أصبح العامة والعلماء يتحدثون حوالى 60 سنة عن أن نقص «السيروتونين»، المادة المهمة فى المخ، وراء الاكتئاب.. ثم بدأوا يتحدثون عن مواد أخرى مثل الدوبامين والنور أدرينالين، ثم جاء آخر الأبحاث المُحكمة فى مجلة nature 20 يوليو 2022 لتقييم مسؤولية السيروتونين عن الاكتئاب، وتجادلوا عما إذا كان السيروتونين بنقصه مسؤولًا عن الاكتئاب؛ فلماذا وبعد زيادته بمضادات الاكتئاب المعروفة لا يزول الاكتئاب سريعًا، ويحتاج من أسبوعين إلى أربعة لكى ترتفع نسبته فى المخ؟، هذا بجانب أن مضادات الاكتئاب لا يستجيب لها كل المرضى؛ فحوالى 60% من المرضى فقط هم من يستجيبون، وماذا عن الـ 40% الذين زادت لديهم نسبته وظلوا يراوحون مكانهم؟!..
النقطة الأخيرة هى: إذا خفّضنا السيروتونين عمدًا عند بعض الناس؛ فإن هذا لا يقلل سعادتهم أو حيويتهم، بمعنى أن إنقاص السيروتونين لا يسبب اكتئابًا، مثل أن تأخذ بنادول للصداع، ولكنك لا تُصاب بالصداع إذا لم تتناول البنادول!.
نعم.. مضادات الاكتئاب تعمل، لكن ليس على السيروتونين، ولكن من خلال زيادة نسبة المواصلات العصبية فى المخ، وزيادة تكوين خلايا المخ العصبية فى عملية تعرف باسم Neurogenesis، أى «ولادة خلايا مخ جديدة» فى منطقة فى المخ تسمى Hippocampus، بمعنى أن تناول العقاقير ذات التأثير النفسانى عمومًا، وما يسمى مضادات الاكتئاب خصوصًا، يساعد على توليد خلايا عصبية جديدة لدى البالغين وكبار السن.
الاكتئاب اضطراب مزاجى غامض تسببه عوامل كثيرة، أهمها العوامل الوراثية أى الجينات، والضغوط النفسية STRESS، والبيئة المحيطة بكل ما تحمل من سلبيات.. إذن كيف نتخلص من الضيق والكآبة وعدم القدرة على الاستمتاع بالجنس ولا بالأكل ولا بالسفر ولا بأى شىء؟!.
العلاج الدوائى وحده لم يتمكن من الحل.. لكن الجلسات النفسية الحوارية، والتثقيف الطبى النفسى، والتوضيح والتفسير وزيادة الوعى، ومناقشة ما مررتَ به من صدمات ومواقف، بجانب أنك أنت ما تأكل؛ فالأسماك الغنية بالدهون أو تناول أوميجا3 بنسبة معقولة، وتناول الخضراوات والفواكه ومستحضرات طحالب البحر والمورينجا، مع ضرورة الرياضة البدنية بكل صورها وفى أبسطها المشى إلى تحريك الذراعين، وتعلُّم فن التنفس، واستنشاق الأكسجين بالخروج إلى أماكن خلوية وبحرية.
وكذلك البيئة الثرية بتعلم شىء جديد وممارسته كاللغة أو التصوير أو الرسم، وسماع أو حضور محاضرات شيقة، واكتساب معلومات جديدة فى العلوم والسياسة والاقتصاد، والاطلاع على أمهات الأدب العالمى، والنوم المريح والعميق لساعات كافية لتنظيف مخك من شوائب النهار لإنتاج فيتامين D وهرمون النمو، وممارسة تمارين التأمل واليقظة بالتركيز على الحواس الخمس، وعلى مزيج أصوات من شقشقة العصافير وجريان المياه.
كذلك فإن معزوفات الموسيقى الكلاسيك تُرتِّب المخ وتساعد على التركيز، وتزيد القدرة على التحصيل، والابتعاد عما يُسمِّم جسمك ومخك، مثل الإفراط فى المنبهات أو التدخين، والعمل لساعات طويلة، والصيام عن ممارسة الحب.. كل ذلك يفقدك ككيان العاطفة والمزاج الحسن والذوق الرفيع؛ فتتصحَّر نفسك وتصبح يابس المخ والقلب، وينعدم توليد خلايا المخ العصبية.
فلتأكل عين الجمل «الجوز»، ولتغنِ، ولتضحك من قلبك، ولتنهض من سريرك وافتح الشبابيك والبلكونات.
أطفئ التليفزيون وابعد عن الموبايل.. قليلًا.
شاهد فيلما «أبيض وأسود».. اخلقا جوًا جديدًا لزواجكما.. وانفضا عنكما رتابة الزواج والمسؤوليات.
اخلق مناسبات للفرحة.
لا تجتر أحزانك وآلامك كالجمل، تخيّل أنها نزلت عن كتفيك وذهبت إلى عمق الأرض.
ضع مكعب ثلج أسفل رأسك عند بداية عنقك من الخلف لمدة تصل إلى 20 دقيقة.
الاكتئاب اضطراب نصف علاجه فى يدك، والنصف الآخر إذا استعصى مع الدكتور والمعالج.
شِدّ حيلك.