استشارى طب نفسى ل«المصرى اليوم»: الروح تنكمش فى أيام «الشمس الحزينة»
⏮«فاضل»: تغيرات الفصول تؤثر على المزاج.. والبرد القارس يدفع للاكتئاب
مع تعدد الأسباب وتغلغلها داخل نفوس البعض، باتت الحاجة ملحة إلى معرفة العوامل التى تنتهى بالشخص إلى كره فصل الشتاء.. استعانت «المصرى اليوم» برأى الدكتور خليل فاضل، استشارى الطب النفسى، للحديث عن الأسباب النفسية وراء كراهية البعض لفصل الشتاء، وكيف يمكن أن تؤثر العوامل المناخية وتغيّر الضوء على المزاج والحالة النفسية للإنسان.
يقول «فاضل»: «قبل فصل الشتاء هناك الخريف الذى تتساقط فيه الأوراق، فمع دخول فصل الشتاء يحمل معه تغيرات لا تتعلق فقط بدرجة الحرارة؛ بل تمتد لتؤثر على المزاج والنفس البشرية، فمع قِصر النهار وتراجع ضوء الشمس، إذ يعد الضوء من أهم العوامل التى ترفع المعنويات وتنظم الحالة المزاجية».
هذا الأمر يظهر بوضوح فى الدول التى تغيب فيها الشمس لفترات طويلة، مثل كندا، حيث يلجأ الأطباء إلى علاج الاكتئاب بما يُعرف بالعلاج بالضوء: «نوع من المصابيح الساطعة صُنعت خصيصًا لتحاكى أشعة الشمس لتؤثر على الغدة النخامية فى المخ، وهى الغدة التى تتحكم فى المزاج والنفس واهتماماتها».
يشير «فاضل» إلى أنه حين كان فى أيرلندا فى فترة ما، لاحظ بنفسه تأثير قلة الضوء على حالته النفسية؛ إذ شعر بالضيق رغم انشغاله بالتدريب والعمل، كما لاحظ إصابة عدد من أعضاء السفارة المصرية، والتى كانت فى بداية افتتاحها، بحالة من الاكتئاب، مؤكدًا أن هذا النوع من الاكتئاب ليس الاكتئاب المرضى الذى يتطلب علاجًا دوائيًا؛ بل ما وصفه ب«الاكتئاب الحياتى» الناتج عن قسوة الأجواء وقلة الشمس: «كنت أرى الناس تفرح وكأنها تطير حين تطلع الشمس ليوم واحد بعد غياب طويل».
سمّى «فاضل» شمس الشتاء ب«الشمس الخجولة أو الحزينة»، لأنها لا تدفئ؛ بل تكتفى بالظهور الخافت ثم تختفى سريعًا، وتحدث عن ظواهر الطقس المصاحبة، مثل العواصف والرعد والرياح القوية التى باتت أكثر حدة فى السنوات الأخيرة، معتبرًا أن أصواتها المزعجة تثير فى الناس توترًا داخليًا يزيد من شعورهم بالضيق، كما يرى أن الإحساس بالبرد نفسه يؤثر على الروح، قائلًا: «حتى لو اتدفينا بالبطاطين، الإنسان فى الشتاء ينكمش على جسده، ومع هذا الانكماش تنكمش الروح معه»، وهذا الشعور يدفع بعض الأشخاص إلى الميل للعزلة والكسل، مما يؤدى إلى الخمول وقلة النشاط، وهو ما يجعل كثيرين لا يحبون هذا الفصل لأن الناس تحب النشاط.
ويشير إلى مفارقة مثيرة للدهشة، تكمن فى أن أعلى نسب الانتحار عالميًا تُسجل فى فصل الربيع، رغم أنه فصل البهجة والإزهار: «حين تزهر الدنيا وتورق الأشجار يشعر المكتئب بأن الحياة تمضى من حوله بينما هو لا يزال فى مكانه، فينهى حياته، وهذه حقيقة علمية موثوقة»، بحسب الاستشارى النفسى، متابعًا: «هناك فرق بين ما يُعرف باكتئاب الشتاء الناتج عن تأثير الفصل وضوئه، والاضطراب العاطفى الموسمى، وهو حالة مرضية ناتجة عن خلل كيميائى فى المخ، فالأول مؤقت ومرتبط بالعوامل البيئية، أما الثانى فهو اضطراب نفسى دورى يظهر فى فصول معينة من السنة».
